للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال شاكراً لمولاه: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} (يوسف: ١٠١) .

وقال الله في بيان دعوته: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ} (غافر: ٣٤) .

من فقه سيرة يوسف عليه السلام التي عرضتها علينا هذه الآيات الكريمة أن الدعوة إلى التوحيد أمر لابد منه، وأن الشرك لا هوادة ولا مداهنة في محاربته فلا يجوز السكوت عنه مهما كانت ظروف الداعية إلى الله بل لا يجوز لمسلم إطلاقا أن يحابى ويداهن في أمره وهذا يبين مكانة العقيدة وعظم شأنها عند الله وعند أنبيائه ورسله وأن الفرق والبون شاسع جدا بينها وبين فروع الإسلام فلا يجوز أن يكون المسلم- خصوصا الداعية- كاهنا من كهنة المشركين أو سادنا لأصنامهم، فإن فعل ذلك كان من المشركين الضالين.

أما الجانب التشريعي، فإن قامت دولة الإسلام فلابد من تطبيق شريعة الله، وإلا {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} والكفر حينئذ على ما فصله علماء الإسلام من الصحابة وغيرهم قد يكون كفراً أكبر إذا كان يحتقر شرع الله ويستحل الحكم بغيره، وقد يكون كفراً أصغر إذا كان يعظم شريعة الله ولا يستحل الحكم بغيرها لكن غلبه هواه فحكم بغير ما أنزل الله.