للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه الأحاديث توضح لنا دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم في العهد المكي والمدني.

تعذيب أصحابه من أجل لا إله إلا الله عقيدة التوحيد:

لقد عذب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اشد ألوان التعذيب من أجل تمسكهم بالعقيدة وإخلاص العبادة لله وحده ونبذ الشرك والكفر. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. قال: "أول من أظهر الإسلام سبعة، رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمار، وأمه سمية، وصهيب وبلال، والمقداد. فأما رَسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله تعالى بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر، فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم، فأخذهم المشركون، وألبسوهم أدراع الحديد، صهروهم في الشمس، فما منهم من أحد إلا وآتاهم على ما أرادوا، إلا بلالا فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه، فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة، وهو يقول: أحد أحد " [٣٣] .

وفي السيرة لابن هشام "وكان أمية بن خلف يخرجه (يعني بلالا) إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة، فتوضع على صدره، ثم يقول: لا والله لا تزال هكذا حتى تموت، أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى. فيقول وهو في ذلك البلاء: أحد أحد" [٣٤] .

وقال ابن إسحاق: وحدثني حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، قال: "قلت لابن عباس أكان المشركون يبلغون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العذاب ما يعذرون به في ترك دينهم؟ "قال: "نعم. والله إن كانوا ليضربون أحدهم، ويجيعونه ويعطشونه، حتى ما يقدر أن يستوي جالساً، من شدة الضرب الذي نزل به، حتى يعطيهم ما سألوه من الفتنة حتى يقولوا له: اللات والعزى إلهك من دون الله؟ فيقول: نعم. حتى إن العجل ليمر بهم فيقولون له أهذا العجل إلهك من دون الله؟ فيقول: نعم افتداء مما يبلغون من جهده" [٣٥] ، وهذا إسناد حسن صرّح فيه ابن إسحاق بالتحديث فأمن تدليسه.