للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سرّح طرفك في مشارق بلاد المسلمين ومغاربها تر العجب العجاب تر واقعا يتحدى هذه النصوص النبوية، وإذا قرأت عليهم هذه النصوص وبينت لهم مصادرها وتمسك الصحابة واعيان الأمة بها واجهوك بتأويلات اسخف من تأويل من قالوا: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا} . واتهموك بعداء الأولياء.

والآن نتساءل إذا كانت دعوات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تحمل في طياتها كل خير، وتحذر من كل شر، فما بالنا نرى فيما قص الله علينا في كتابه وفى دراستنا لسنة وسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن دعواتهم إلى التوحيد ومحاربة الشرك ومظاهره وأسبابه ووسائله قد أخذت مساحة كبيرة جداً من دعواتهم واستغرقت زمنا طويلا من حياتهم حتى لكأنما كان هذا الجانب هو شغلهم الشاغل. فأين مواقفهم من الحكام الطغاة المستبدين؟.

والجواب إن ما انتهجه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هو عين الحكمة والصواب ومقتضى العقل السليم.

فليس في مشاكل البشر سياسيها واقتصاديها واجتماعيها من الخطر ما يساوى مشكلة الشرك ومضاره ولا يقاربها {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} ، {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} .

فالعقل والحكمة والفطرة تقتضي إذاً أن يبدأ بمحاربة خطر الشرك وأن تستمر دعوات الأنبياء واتباعهم على محاربته ما بقيت منه بقية أو بقى له شكل أو مظهر. فإذا أحاطت بأمة مشاكل عقائدية شرك يدمر عقيدتها ومشاكل اقتصادية ومشاكل سياسية فبأيها تبدأ المعالجة الحكيمة.