للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما الأنبياء فلم يبدؤا إلا بمعالجة مشكلة العقيدة بكل قوة والبدء بمعالجة الأمر الأخطر أمر يتفق عليه كل عقلاء البشر. فمثلا لو رأى عاقل ثعبانا ونملة يدبان إلى إنسان لأملى عليه عقله أن يبادر إلى دفع الثعبان أو قتله لشدة خطره على هذا الإِنسان ولا يمكن أن يلقى بالاً للنملة ولا لألف نملة.

ولو رأى عقلاء أسداً هصوراً وجماعة من الفئران تهجم عليهم لحملوا حملة واحدة لصد هجوم الأسد وتناسوا الفئران ولو كان معها جماعة أخرى من الضفادع.

ولو أن مسافرين انتهى بهم السير إلى طريقين لا خيار لهم من سلوك أحدهما. أحدهما فيه براكن تقذف بلهبها ونيران تلتهم أشجارها وأحجارها، وثانيهما فيه الأشواك والرمضاء وأشعة الشمس اللاهبة لما أختار عقلاؤهم إلا سلوك الطريق الثاني.

لنأخذ الآن أشد المفاسد أعني المفاسد السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأشدها فساد الحكم لنوازنها بفساد العقيدة فهل هما في ميزان الله وميزان الأنبياء سواء. أو أن أحدهما أشد خطراً وأدهى وأمر عاقبة.

ففي ميزان الله وميزان أنبيائه أن أشدهما خطراً وأجدر بالتركيز عليه على مر الدهور والعصور وفى كل الرسالات إنما هو الشرك ومظاهره الذي لا يضاهيه فساد مهما عظم شأن هذا الفساد، وبناء على هذا نعود فنقول: إنَّ بَدْأ جميع الأنبياء بإصلاح الجانب العقائدي ومحاربة الشرك ومظاهره هو مقتضى الحكمة والعقل وذلك للأمور الآتية: