أولاً: أن المفاسد المتعلقة بعقائد الناس من الشرك والخرافات وأنواع الضلال أخطر آلاف المرات من المفاسد المترتبة على فساد الحكم وغيره، فإن لم نقل هذا ونعتقده سفهنا من حيث لا نشعر جميع الأنبياء. ونعوذ بالله من الضلال. إن هذه المفاسد تشمل الحاكم والمحكوم فالحكام أنفسهم في كل زمان ومكان إلا المؤمنين منهم- يخضعون للأصنام والأوثان والقبور ويقومون بتشييدها وحمايتها وعبادتها وتقديم القرابين لها، ويعتقدون أن لها سلطة غيبية قاهرة فوق سلطانهم المادي، فهي تضرهم وتنفعهم بذلك السلطان الغيبي في زعمهم وبتلك القوة القاهرة الخفية أو على أقل تشفع لهم عند الله في تحقيق مآربهم.
وأوضح مثال لخضوع الحكام للأوثان ذلك الطاغية المتأله فرعون الذي قال متبجحاً:{أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} ، فقد حكى الله مقالة قومه له وهم يستثيرون فيه الحمية والغيرة لآلهته ومعبودا ته فقال:{وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} . (الأعراف: ١٢٧) ألا ترى أكبر طاغية عرفته الأرض مع دعواه الربوبية يخضع للأوثان ويتخذها آلهة.
وهذا النمروذ ملك الكلدانيين الذي ادعى الربوبية يأمر بإحراق إبراهيم عليه السلام عندما حطم الأصنام أخذاً بثأر هذه الأصنام لأنها آلهته.
وهؤلاء ملوك الهند والفرس يعبدون الأوثان والنيران وملوك الرومان في الماضي وحكام أوربا وأمريكا في الحاضر يعبدون الصلبان والصور، وكم من حكام المسلمين في الماضي والحاضر من فُتِنَ بالأموات وشاد عليهم القبور وتعلق بها قلبه حبا ورجاء وخوفا وارتكبوا ما خشيه رسول الله على هذه الأمة وحذر منه.