ومن هنا يتضح لك جدية منهج الأنبياء وأحقيته، ويتضح لك أهمية مواقف الرسول الحاسمة من الأوثان والقبور كما يتضح لك حكمة إبراهيم وعمق فكره وبعد نظره حينما أطلقها صيحة مدوية تتجلجل في الأفاق والأجيال {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ، رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(إبراهيم ٥ ٣، ٦ ٣) .
فترى إبراهيم وهو على غاية من الحق والصواب- يجأر إلى الله من مخاطر الأصنام ولا يجأر إليه من مخاطر الحكام على جسامة فسادهم وخطرهم.
ثانياً: أن الله ما أرسل الرسل إلا ليعلموا الناس الخير وينذرونهم بطش الله والشر قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}(البقرة: ٢١٣) ، وقال تعالى:{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}(الأنعام: ٤٨) ، وقال تعالى:{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}(الكهف: ٥٦) ، وقال تعالى:{ ... رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}(النساء: ١٦٥) .