وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ولا أحد أحب عليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين"[٨٠] ، وقال تعالى:{فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}(النحل: ٣٥) ، وقال تعالى:{وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}(النور: ٥٤) ، وقال تعالى:{وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} وهذه مهمة الإنذار والتبشير والإبلاغ مهمة جليلة وعظيمة نبيلة يكفيها عظمة ونبلا أنها مهمة الأنبياء وتتناسب مع مكانتهم الرفيعة فإنها أشق وأعظم ما يتحمله البشر أو يتحمله ورثتهم من الدعاة الصادقين المخلصين السائرين في منهاجهم ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشهد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل". وقد ذكرنا سلفا مدى ما يواجه الداعية إلى التوحيد من المشقة وكيف لا يستطيع غيرهم أن يجول في هذا الميدان.
ثالثاً: أن الله سبحانه وتعالى، لم يكلفهم بإقامة دول وإسقاط أخرى وذلك في غاية الحكمة، لأن الدعوة إلى إقامة دولة تلوح فيها المطامع لطلاب الدنيا وطلاب الجاه والمناصب وأصحاب الأغراض والأحقاد وأصحاب التطلعات والطموحات فما أسرع ما تستجيب هذه الأصناف للدعوة إلى قيام دولة يرون فيها تحقيق مآربهم وشهواتهم ومطامعهم.