وقد يهدي الله قوم نبي من الأنبياء فيستجيبون له أو كثير منهم فتكون لهم دولة، ثمرة طيبة، لإيمانهم وتصديقهم وأعمالهم الصالحة، فيقومون بواجبهم من الجهاد لإعلان كلمة الله وتطبيق التشريعات والحدود وغيرها من الأمور التي شرعها الله لهم كما حصلَ لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام توج الله إيمانهم وعملهم الصالح وصبرهم الجميل على بغي المشركين وتطاولهم بأن نصرهم، وأظهر دينهم، ومكن لهم في الأرض كما قال تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} ولقد عرض على رسول الله الملك بمكة فرفض إلا المضي في الدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك والأوثان أرسلت قريش- لما أقلقها أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم- عتبة بن ربيعة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة في العشيرة، والمكان في النسب وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت بهم أحلامهم وعبت به آلهتهم، ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع مني اعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك تقبل منا بعضها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قل يا أبا الوليد أسمع". قال: يا ابن أخي، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك منِ أموالنا حتى تكون من أكثرنا أموالاًَ، وإن كنت تريد به شرفا سودناك حتى لا نقطع أمراًَ دونك، وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا وان كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه أو كما