وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب"[٨١] .
وهذا إبراهيم الخليل قامع المشركين بالحجج الدامغة والبراهين قال الله تعالى في شأنه وشأن من آمن له {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(العنكبوت: ٢٦) ، وهذا لوط يقول الله في نجاة من معه من العذاب ولعلهن بناته فقط {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}(الذارايات: ٣٥-٣٦) .
ولا يغض ذلك من منازل الأنبياء مثقال ذرة بل هم في أعالي المنازل وهم أنبل الناس وأجل الناس وأكرمهم وفوقهم في كل شأن في الرجولة والشجاعة والفصاحة والبلاغة والبيان والنصح والتضحية وقد قاموا بواجبهم على أكمل الوجوه من الدعوة إلى التوحيد والتبليغ والتبشير والإنذار فإذا قل اتباعهم أو لم يتبع بعضهم أحد فالعيب كل العيب على الأمم التي رفضت الاستجابة لدعوتهم لأنها في نظرهم- لا تحقق لهم أغراضهم الدنيئة ومع ذلك ما كانوا طلاب ملك بل كانوا دعاة هداية وتوحيد ولا كانوا يعدون اتباعهم للثورات والانقلابات السياسية.