تعتبر العقوبة من الأمور الضرورية للمجتمعات، ولا يمكن أن يعيش مجتمع دون أن تفرض فيه عقوبة، فكما أن الجريمة جزء من المجتمع ملازمة له ولا يتصور وجود مجتمع بدون جريمة، فكذلك لا يتصور وجود مجتمع بدون عقوبة، فالعقوبة تعتبر رد فعل للجريمة، ولذلك نجد حتى في المجتمعات الحيوانية ومجتمع الطيور والحشرات نجد العقوبة فيما بينها يوقعها بعضها على بعض.
والمجتمعات الإنسانية وان كانت العقوبة موجودة فيها، إلا تفاوتاً كبيراً بين مجتمع وآخر في مدى تأثير هذه العقوبة، ونتائجها في المجتمع وذلك من حيث تناسب العقوبة مع الجريمة باعتبارها رد فعل، فما لم يكن رد الفعل متناسباَ مع أن هناك الفعل بل مساوياً له، فإن العقوبة تكون في هذه الحالة فاشلة في علاج الإجرام.
والذي يحصل أن كثيراً من المجتمعات في العقوبة تفرق بين الإفراط والتفريط فبعضها يتشدد في العقوبة ويقسو حتى تكون العقوبة أكبر من الجريمة، مما يدفع بالمجرم أو عائلته أو عصابته أن يسعوا في استعادة الفرق، وقد تكون العقوبة أقل من الجريمة بحيث تغرى المجرم بالعودة إلى الجريمة أو تدفع المعتدى عليه إلى الأخذ ببقية حقه بنفسه، أما بالنسبة للمجتمعات المفرطة في العقوبة المتساهلة فيها فأمثلتها كثيرة ونستطيع أن نقول إن أكثر الدول الغربية في الوقت الحاضر ومن سار في ركابها من الدول الإسلامية على هذه الشاكلة، من تدليل المجرم وعدم معاملته بحزم.