للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما المجتمعات المفرطة المتشددة فمنها بعض المجتمعات الغربية إلى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، فقد عرفت بريطانيا في القرن التاسع عشر التشهير بمرتكبي جنايات الغش في مواد التموين، فكان الخباز الذي يبيع خبزاً يقل وزناَ عن الوزن القانوني، يربط إلى إطار خشبي ويتدلى عنقه من فتحة الإطار، وقد علق بعنقه رغيفٌ، وربما عوقب بوضع أصابع اليدين في آلة ضاغطة أو بالضغط عَلى الساقين، وعرفت الصين حتى تاريخ حديث ألوانا من العقوبات القاسية، كوضع ألواح من الخشب حول أعناق المتهمين ليتمكن الناس من معرفتهم عندما يمرون بهم وقد وقفوا خارج جدار السجن [١٤] . وفى الهند أشد وأبشع فقد نشرت جريدة الرياض في أحد أعدادها أن وكالات الأنباء الهندية أعلنت أن إحدى النساء أرغمت خادمتها البالغة من العمر خمسة عشر عاما على غمس يديها في زيت حار لإثبات برائتها من تهمة سرقة ساعة وقعت في الأسبوع الماضي في مدينة راجكوت غربي الهند. وقالت الوكالة أن الضحية مانجو لا ديفي نفت التهمة التي وجهتها لها سيدتها بسرقة ساعة، وعندها قامت السيدة التي لم يعلن عن اسمها بإرغام الخادمة على غمس يديها في زيت كان يغلى على النار لإثبات أنها لا تكذب والجدير بالذكر أن مثل طرق التعذيب هذه مألوفة في الريف الهندي، ومن أمثلتها قيام الشرطة الهندية بفقأ عيون عشرين متهما في جرائم السرقة في ولاية بيهار الهندية الشرقية مؤخرا [١٥] وكل هذه المجتمعات المفرطة منها والمفرطة فشل في محاربة الجريمة، ولا يرجع فشل هذه المجتمعات في محاربة الجريمة لمجرد أن العقوبات لا تتناسب مع الجرائم، بل هناك أمر مهم وهو أن هذه المجتمعات المفرطة والمفرطة لا تؤمن بشرع الله ولا تحكم بحكم الله بل تتبع الهوى في أحكامها وأنظمتها وتتخبط في اجتهادها ولذلك لا يمكن أن تصل إلى نتيجة مرضية وحالة مسعدة والله تعالى يقول: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ