ولم يزل الإجرام يفتك بالدول الغربية وغيرها حتى أصبح المجرمون لهم مراكز خطيرة، وكلمة نافذة، بل أصبح لهم مؤسسات رسمية أو شبه رسمية، تحميهم وتدافع عنهم، حتى صاروا كما يقال حكومات داخل الحكومات. ويقول الأستاذ عودة رحمه الله في هذا الصدد، وهو يتحدث عن سلطان المجرمين "ومن المجرمين من يغادر السجن ليعيش عالة على الجماعة، يستغل جريمته السابقة لإخافة الناس وإرهابهم، وابتزاز أموالهم، ويعيش على هذا السلطان الموهوم وهذا المال المحرم، دون أن يفكر في حياة العمل الشريف والكسب الحلال، وقد أصبح سلطان هؤلاء المجرمين على السكان الآمنين، يزاحم سلطان الحكومات، بل أصبح المجرمون في الواقع أصحاب الكلمة النافذة، والأمر المطاع، ومن الوقائع التي اعرفها ويعرفها غيري أن رجال الإدارة يستعينون بالمجرمين أيام الانتخابات العامة، ليوجهوا الناخبين المتمسكين بحزبيتهم، وجهات معينة بعد أن يعجزوا هم عن هذا التوجيه.
وقد أدى هذا المركز الخطير، إلى زيادة المجرمين الشباب الذين يتطلعون بدافع من طموحهم إلى نوال كل مركز ممتاز كما أدى إلى قلب الموازين والأوضاع، فبعد أن كانت الجريمة عارا وذلا في القديم، أصبحت اليوم مدعاة للتباهي والتفاخر، وبعد أن كان المجرم يطرد ذليلا مهانا، أصبح اليوم عزيز الجانب مسموع الكلمة نافذ السلطان" [٢٩] .
فهذه هي بعض آثار العقوبات الوضعية في المجتمعات الغربية ليست إلا خوفا واضطرابا ورعبا وزيادة مضطردة في عدد الجرائم وأساليبها وأنواعها.
وتلك بعض آثار العقوبات الشرعية ونتائجها في المجتمع الإسلامي قديما وحديثا، أمن واستقرار واطمئنان وانخفاض في نسبة الجرائم، فأي الفريقين أحق بالأمن، وأي الفريقين أحق بالفخر والاعتزاز، فليصفوا العقوبات الشرعية بما شاءوا من الأقاويل، وليتهجموا مادامت تلك آثارها وهذه نتائجها.