القول الأول: لأبي حنيفة وأحمد ومحمد بن الحسن وسفيان الثوري وهو أن زوج المبتوتة إذا طلقها في مرض موته ثم مات عنها قبل انقضاء عدتها تعتد أطول الأجلين من عدة الوفاة أو ثلاثةقروء [٣٣] وعلى هذا القول يلزمها الإحداد لأنه تبع لعدة الوفاة وقد وجدت هاهنا وقد استدل أصحاب هذا القول بدليل عقلي وهو أن المبتوتة في مرض الموت ترث زوجها بعد وفاته وميراثها له بعد موته إنما كان بسبب الزوجية وكونه أبانها في مرض موته فهو متهم بحرمانها من الميراث فيلزمها عدة الوفاة كما لو طلقها طلاقا رجعيا وهذا لأنا أعطيناها الميراث باعتبار أن النكاح بمنزلة القائم بينهما حكما إلى وقت موته أو باعتبار إقامة العدة مقام أصل النكاح حكما إذ لابد من قيام السبب عند الموت لاستحقاق الميراث والميراث لا يثبت بالشك والعدة تجب بالشك وإذا جعل في حكم الميراث النكاح كالمنتهي بالموت حكما ففي حكم العدة أولى وسبب وجوب العدة عليها بالحيض متقرر حكما فألزمناها الجمع بينهما [٣٤]
القول الثاني: للمالكية والشافعية وأبي يوسف من الحنفية وأبي ثور وأبي عبيد وابن المنذر وهو أن المبتوتة في مرض الموت تبقى على عدة الطلاق إذا مات زوجها قبل انقضاء عدتها ولا تستأنف عدة الوفاة [٣٥] ، وذلك لأن حكم النكاح انقطع بينهما بالطلاق وسبب وجوب عدة الوفاة انتهاء النكاح بالموت فإذا لم يوجد لا يلزمها عدة الوفاة كما لو كان الطلاق في صحته وإنما أخذت الميراث بحكم الفرار وذلك لا يلزمها عدة الوفاة بدليل المرتد إذا مات أو قتل على ردته ترثه زوجته المسلمة وليس عليها عدة الوفاة لأن زوال النكاح كان بردته لا بموته [٣٦] ، ورد هذا بأن النكاح لما بقي في حق الإرث فبقائه في حق وجوب العدة أولى لأن العدة يحتاط في إيجابها فكان قيام النكاح من وجه كافيا لوجوب العدة احتياطا فيجب عليها الاعتداد أربعة أشهر وعشراً [٣٧] .