ولهذا نقول أن الراجح عندنا هو القول الأول لما بيّنا ولأن الزوج لما أبانها في مرض موته كان متهما بحرمانها من الميراث فيعاقب بنقيض قصده وهو توريثها من ماله بعد موته فدل على أن علاقة الزوجية لم تنقطع تماماً إذ لو كان الأمر كذلك لما كان لها حق في الميراث وانقطاع الزوجية بالموت لا خلاف فيه بين أئمة الفتوى فتجب عليها عدة الوفاة لهذا المعنى ويجب عليها الإحداد وكذلك لأن الإحداد تابع للعدة وإنما قال من قال بأن البائن تعتد في هذه الصورة بأطول الأجلين لأن الباَئن وارثة هنا على ما قلنا فيجب عليها أن تعتد للوفاة ومن حيث أنها مطلقة يجب عليها أن تعتد للطلاق فيجب أن تعتد بأطولهما ضرورة فإنها لا تخرج عن العهدة بيقين إلا بذلك [٣٨] . هذا وتجدر الإشارة هنا إلى أن الزوج المريض المطلق لو مات عن زوجته بعد انقضاء عدتها بالحيض أو بالشهور أو بوضع الحمل أو كان طلاقه قبل الدخول لم تجب عليها العدة لموته وبالتالي لا يجب عليها الإحداد لأن الله تعالى قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَ}[٣٩] ، قال تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوء}[٤٠] ، وقال تعالى:{وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ}[٤١] فهذه الآيات كلها تبين عدة المطلقة بيانا شافيا وهي كما ورد في الآيات على ثلاثة أقسام: إما أن تكون مطلقة قبل الدخول وهذه لا عدة عليها، إما أن تكون مطلقة بعد الدخول وهي ممن تحيض فعدتها ثلاثة قروء أو تكون آيسة أو صغيرة وهذه عدتها ثلاثة أشهر وقد انقضت عدة طلاقها قبل وفاة زوجها فليس ثمة ما يدعو إلى إيجاب عدة الوفاة عليها