(١) الاستدلال بالكتاب: استدل أصحاب هذا القول بقوله تعالى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[٤٤] . فالآية دليل على أن الحامل تنقضي عدتها بوضع حملها لأن الأجل المذكور في الآية هو العدة وهو معلق بغاية وهي وضع الحمل والآية شاملة بعمومها لكل حامل سواء كانت متوفى عنها أو مطلقة وفى هذا يُسر بديع فإن الله تعالى حينما جعل الظرف الزمني لعدة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرا أخرج من هذا العموم بدليل آخر عدة الحامل فتكون عدتها بوضع حملها وهو ما يعرف في علم الأصول بتخصيص العام والقول بقصرها على عدة الحامل المطلقة دعوى بلا دليل كما سيأتي.
(٢) وأما استدلالهم من السنة فقد استدلوا منها بما يأتي:
(أ) ما روى الجماعة إلا أبا داود وابن ماجة عن أم سلمة: "أن امرأة من أسلم يقال لها سبيعة كانت تحت زوجها فتوفى عنها وهى حبلى فخطبها أبو السنابل بن بعكك فأبت أن تنكحه. فقال: والله ما يصلح أن تنكحي حتى تعتدي آخر الأجلين. فمكثت قريبا من عشر ليال ثم نفِست ثم جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إنكحي" [٤٥] .
وللجماعة إلا الترمذى في قصة سبيعة قالت: "فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزويج إن بدالي" [٤٦] .
فهذا الحديث دليل على أن عدة الحامل المتوفى عنها تنقضي بوضع حملها وهو حديث صحيح لا كلام لأحد في صحته وبانقضاء عدتها بوضع حملها يجوز نكاحها وهو ما صرح به في الحديث فجواز نكاحها دليل على انقضاء عدتها وانقضاء عدتها دليل على عدم وجوب الإحداد عليها بعد وضع حملها فإن قيل الاستدلال بالحديث على محل النزاع فيه نظر وذلك لأَمرين: