"والمقصود من هذا الاجتماع هو أن نحدد اسم الإسلام، ونعمل بمعناه، والإسلام معناه: الاستسلام لله تعالى، والطاعة له، والإيمان بكتابه ورسله، وقواعد الإسلام قائمة على كتاب الله، وسنة رسوله، وأعمال الخلفاء الراشدين، وما اتفق عليه الصحَابة الكرام، وما جاء به فيما بعد الأئمة الأربعة فهو حق لا نحيد عن ذلك قط"[٨] .
ولقد ظهر جماعة من المتفرنجين من المسلمين، يدعون إلى ما يسمونه بالتجديد، وإلى الأخذ بكل ما في الغرب، ونادوا بالخروج على تقاليد الدين الإسلامي الحنيف، ودعوا الشرق بأن يسير وراء الغرب، وكانوا مغرضين في ذلك، فانبرى لهم الإمام رحمه الله، ففند مزاعمهم، وسفه أحلامهم، ورد عليهم بالحجة والدليل والمنطق في كَثير مما قاله في خطبه ومجالسه ومنتداه.
قال رحمه الله:
"يقول كثير من المسلمين: يجب أن نتقدم في مضمار المدنية والحضارة، وإنّ تأخُرَنا ناشئ من عدم سيرنا في هذا الطريق، وهذا ادعاء باطل، فالإسلام قد أمرنا بأخذ ما يفيدنا ويقوينا على شرط أن لا يفسد علينا عقائدنا وشيمتنا، فإذا أردنا التقدم يجب أن نتبع الإسلام، وإلا كان الشر كل الشر في اتباع غيره"[٩] .
"يقولون: (الحرية) ويدعي البعض أنها من أوضاع الأوربيين، والحقيقة أن القرآن الكريم قد جاء بالحرية التامة الكافلة لحقوق الناس جميعا، وجاء بالإخاء والمساواة المطلقة التي لم تحلم بها أمة من الأمم، فآخى بين الصغير والكبير، والقوي والضعيف، والغني والفقير، وساوى بينهم [١٠] .
ويقولون التمدن والمدنية الأوربية هي الغاية القصوى، وهذا وهم باطل، فإن الله جعل من كل شيء أفضله مباحا لنا، وأحب شيء إلينا هو العمل الخالص، والنية الحسنة" [١١] .