"إننا لا نبغي التجديد"الذي يفقدنا ديننا وعقيدتنا ... إننا نبغي مرضاة الله عز وجل، ومن عمل ابتغاء مرضاة الله، فهو حسبه، وهو ناصره، فالمسلمون لا يعوزهم التجديد، وإنما تعوزهم العودة إلى ما كان عليه السلف الصالح" [١٢] .
ولقد بدأ رحمه الله بالدور العملي في تنفيذ حدود الله في جميع مناحي الحياة، وعلى الجميع، لا فرق بين غني وفقير، وأمير وغير أمير، وأصبح الناس كلهم سواء أمام القانون السماوي، وهدد أولئك الذين قد تحدثهم أنفسهم بالفوضى، والمضاربة بالأقوال، والتلاعب بالكلمات والألفاظ، ويظهرون الأمور على ما ليست عليه، لقد حذرهم فكان مما قاله:
"إن البلاد لا يصلحها غير الأمن والسكون، لذلك أطلب من الجميع أن يخلدوا للراحة والطمأنينة، وإني أحذر الجميع من نزعات الشيطان، والاسترسال وراء الأهواء التي ينتج عنها إفساد الأمن في هذه الديار، فإني لا أراعي في هذا الباب صغيرا أو كبيرا، وليحذر كل إنسان أن تكون العبرة فيه لغيره" [١٣] .
لقد شغل بال الملك عبد العزيز الأمن والسكينة في هذه البلاد المترامية الأطراف، الواسعة المساحة، وللبادية وسكانها خطرهم، فهم منتشرون في مساحات شاسعة بين الخليج العربي والبحر الأحمر، وما بين خليج عدن، وما يقابله في الشمال.
هذه المساحة الكبيرة لم تر الأمن والسكينة من زمن بعيد، فقد رجعت عناصر الشر إلى عاداتها وطبائعها، إذا استثنينا فترات قصيرة، كانت بمثابة هدنة. وفي العهد التركي وعهد الشريف أصبحت أشد خطرا، وأعظم فتكا، فليس هناك ما يردعهم، أو يقلم أظافرهم، ولأن البلاد ممزقة بسبب الثأرات بين القبائل، فكانت الإغارة والسلب والنهب والقتل من المهن المعترف بها، وكان أهل البادية دائما يتربصون بالقوافل وقطعان الماشية الدوائر.