ففي ذلك الحين خفف الحزب الديمقراطي الحاكم الضغط عن العصبية الدينية، وسمح بها من أجل كسب وتأييد أصوات الجماهير في المناطق الريفية الكبيرة والمحافظة (قام انقلاب عسكري في تركيا عام ١٩٦٠ وأطاح بحكم الحزب الديمقراطي الذي كان يرأسه عدنان مندريس، وأعدم مندريس بعد ذلك بسنة) واليوم يوجه اللوم إلى حزب العدالة الحاكم لاتباعه سياسة الحزب الديمقراطي، ومن الجدير بالذكر أن حزب العدالة يعتبر الوريث الطبيعي للحزب الديمقراطي.
تساهلات
والواقع أن دعاة البعث الإسلامي الجديد في تركيا يستمدون شجاعتهم - فيما يبدو- من الموقف المتساهل الذي تتخذه الحكومة الحالية. ففي كثير من المساجد بدأ الخطباء والأئمة يهاجمون إصلاحات أتاتورك، بل إن بعضهم دعا علنا إلى العودة للعمل بالشريعة الإسلامية. وحث بعضهم -وهم في فورة الغضب من الرداء القصيص (المينى جوب) - النساء على الاحتشام وتغطية أجسادهن ورؤوسهن.
كذلك فقد وقعت عدة حوادث ضد تماثيل وصور أتاتورك وهي توجد في كل مكان في البلاد. وبدأت الصحف والمجلات الرجعية تظهر فجأة - وبكثرة - في الشهور الأخيرة، بل لقد دعت بعض هذه الصحف والمجلات صراحة إلى العودة إلى نظام الحكم الديني (التيوقراطية) .
ومن جهة أخرى فإن ثمة عددا من المنظمات المغرقة في التدين قد بدأت تعمل وتنشط، وهي تقوم بتوزيع رسائل ونشرات تدعو فيها إلى تغيير الدستور القائم وإعادة نظام الخلافة، وأشياء أخرى كذلك. ومن المعروف أن هذه المنظمات تتلقى التوجيه والتشجيع من جماعة الإخوان المسلمين والمنظمات الإسلامية الموجود في البلاد العربية المجاورة.
وفي القرى تجد المعلمين المسلمين (الخوجا) ينشطون وينافسون المدارس العلمانية، والمشكلة الأساسية هي عدم وجود عدد كاف من المدارس العلمانية الرسمية في جميع القرى والمجتمعات الصغيرة ومن ثم يبقى المجال مفتوحا للمتدينين المتعصبين.