وعلى الرغم من كل هذه النعم التي تمثلت في أوجه التطور المتعددة، والرخاء، وهناءة العيش إلا أن مدن سبأ وقراها كفرت بأنعم الله ولم تستجب لدعوة أنبيائه الذين بعث بهم إليها، والذين بلغت عدتهم ثلاثة عشر نبيا دعوا أهل سبأ لتوحيد الله الواحد الأحد الفرد الصمد. ولكنهم أعرضوا عن الإيمان وإجابة الرسل، ولم يشكروا لله أنعمه [٣١] . وآية ذلك أنهم كانوا يصرون على عبادة آلهتهم المتعددة ومنها عثتر (الزهرة) وذات حميم (الشمس) وذات بعدان (القمر) . قال تعالى على لسان هدهد سليمان عليه السلام عن بلقيس ملكة سبأ:{وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ} . النمل٢٤.
ومما يفسر إشارات الله تعالى هنا ما اكتشفه علماء الآثار عن هذه المعابد الكثيرة التي مازالت آثارها باقية تدل عليها بمأرب وغيرها [٣٢] .
على أن بلقيس، ملكة سبأ، قد آمنت بالله وبرسوله سليمان عليه السلام. وحين آبت من أورشليم إلى بلادها شيدت هيكلا بمدينة مأرب لعبادة الله وحده. وقد أطلق عليه "هيكل سليمان"وترى منه الآن أعمدته الجرانيتية الضخمة وأسس من بقاياه مسجد يعرف الآن بمسجد سليمان عليه السلام بمدينة مأرب الحديثة التي تشغل الآن جانبا من المدينة الأثرية القديمة.