للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن استعصى على غزوهم الفكري فلتصب عليه وسائل البطش والانتقام الذي لم يعهد له مثيل من قبل.. فيخدره البطش الجبار والعذاب الأليم ثم الغزو الفكري حتى تحولت الإنسانية على أيديهم إلى سائمة شقية تساق إلى المصانع بمنتهى الهوان والذلة، وقد لا تجد ما تقتات به إلا حساء الكرنب الذي هو والماء المغلي سواء. ومع ذلك فقد أطلقوا على هذا الذل عزة وكرامة، وعلى هذا الحرمان الشديد رخاء وسعة، وعلى الضيق القاتل حرية وانطلاقا، وما كان للسامئة أن تبدي تملمها أو اعتراضها، وإلا فالسوط فوق الجلود والزمهرير القارس في سيبيريا بالمرصاد لكل من يبدي أدنى حركة وراء الستار الحديدي.

وإن تعجب فعجب أن يتقمص هؤلاء المخمورون التائهون شخصية المفيق الواعي فيرموك أنت بدائهم.. ألم يسموا من قبل محمدا صلى الله عليه وسلم ومن معه الصائبة الخارجين على أصل الدين في نظرهم، الناكبين عن طريق الحق الذي هم فيه بزعمهم. ألم يزعموا أنهم هم أهل الصلاة والصلة بالله فرد عليهم الحق تبارك وتعالى بقوله: {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} . ألم يدعوا أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو قاطع الرحم دونهم.

ثم جاءت الوثنية المتطورة أعني بها الاشتراكية العلمية فرمت الأديان عامة والإسلام بوجه أخص أنه هو أفيون الشعوب ومخدر الجماعات، وهل يعقل أن دينا يلزم معتنقه بالمسؤولية الكاملة عن كل ما يصدر منه ولوكان في حجم الذرة.. اقرأ إن شئت هذه الآية الجامعة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ, وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} , ثم قوله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".