ويعلق بعض الكتاب على الفقهاء الأجلاء من استنباطاتهم في الآية الكريمة:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} . سورة التوبة: ٢٩، وهى آية واضحة المعنى بينة ليس فيها من المتشابه شيء، فقد قامت دعوة الإسلام على الجهاد بمعنى بذل الجهد مطلقا في حرب وغير حرب في التبشير بالرسالة الإسلامية وتأييدها ونشرها والدفاع عنها حرباً وسلماً، والجهاد كلمة إسلامية خاصة بالمسلمين ولا يصح إطلاقها إلا على ما كان في سبيل الله- وهو ذروة سنام الإسلام [٣٠] وأفضل العبادات [٣١] و"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله"[٣٢] . وقد قال أحد الفقهاء:"اعلم أن الجهاد إنما يتحقق إذا كان خالصاً لله تعالى ويكون لإعلاء كلمة الله عز وجل وإعزاز الدين ونصرة المسلمين، أما من جاهد وغزا لحيازة الغنيمَة واسترقاق العبيد واكتساب اسم الشجاعة وتحصيل الصيت، أو طلب دنيا أو امرأة، فإنه تاجر أو طالب وليس بمجاهد"[٣٣] . فالقتال في الإسلام نوع من الجهاد في سبيل الله وليس من أجل الاستيطان أو إبادة الغير كالاستعمار الأوروبي الذي واكب حركة الكشوف الجغرافية [٣٤] ، ولا هو من أجل السيطرة والاستعلاء واستعباد الغير وإذلالهم واستغلال خيراتهم ونهب ممتلكاتهم كما هو واقع الاستعمار الأوروبي الحديث الذي رافق حركة الثورة الصناعية [٣٥] ولا لاحتكار الخيرات واستغلالها كالاستعمار المعاصر اليوم [٣٦] ، الجهاد إنقاذ للبشرية من ضلالها، وتحريرها من طواغيتها المادية والمعنوية- حتى يصبح الناس أمام دعوة الإسلام وجها لوجه، ولا يستهدف أبدًا إكراههم على الدخول فيه واعتناقه، ولا يستهدف الغنائم والإسلاب،