للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل يترك الخيار لكل إنسان. قال تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} . سوره الكهف: ٢٩، فلا إكراه ولا عنت ولا مشقة ولا محاكم تفتيش [٣٧] ، ولا خطف أطفال [٣٨] ، ولا تضييق في المعاش، ولا فرض لغة أوتشريد وتهجير وتجويع [٣٩] . قال تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} . سورة يونس: ٩٩.

ومن مبادئ الحرب في الإسلام أن يعرض المسلمون على الأعداء أحد أمرين قبل القتال: الإسلام أو الجزية، فمن أجاب للجزية قبل الحرب فليس هناك ذل أو صغار، أما من حارب حتى رضخ للجزية فهو الصغار الذي هو الخضوع لحكم الإسلام. قال الإمام الشافعي: "وسمعت عدداً من أهل العلم يقولون: إن الصغار أن يجري عليهم حكم الإسلام" [٤٠] .

وهذا هو محتوى الآية الكريمة. فالجزية في أبسط مفاهيمها في الإسلام ضريبة على الذمي من رعايا الدولة الإسلامية مقابل ضريبة الجهاد المفروضة على المسلم، وهى في مقابل حمايته، وإذا عجز المسلمون عن حمايته سقطت الجزية- فعندما صالح خالد بن الوليد أهل الحيرة قال:

"إني عاهدت على الجزية والمنعة ... فإن منعناكم فلنا الجزية وإلا فلا" [٤١] . وتسقط هذه الجزية عن الذمي إذا قام بواجب الدفاع عن دار الإسلام [٤٢] ، ودليل ذلك ما صنعه عتبة بن فرقد مع أهل أذربيجان: "عليهم أن يؤدوا الجزية قدر طاقتهم إلا من حشر منهم في سنة فيوضع عنه جزاء تلك السنة" [٤٣] . كما يعفى منها من لا يستطيع القتال كالمرأة والصبي والشيخ الكبير ورجل الدين فمن من الفقهاء والحال هذه استدل أن هذا فوقية للمسلم على غيره؟ {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً} , الكهف: ٥.