وواضح من المقال خوف الكاتب وذعره من الحقيقة الهائلة من حقائق دين الإسلام وهي أنه برغم مرور أربعين عاما على تأسيس المجتمع العلماني في تركيا التي كانت قلعة الإسلام فإن شبابا ناشئين قد بدأوا يركزون على الدعوة إلى العودة إلى الله. إن هؤلاء الشباب الذين نشأوا في ظلال وتحت سيطرة العلمانية نفسها التي يخشى عليها الكاتب.. قد عرفوا خواءها وهزالها, ودعوا بدعوة الحق. وأن الكاتب وأمثاله يعرفون أن معنى عودة الإسلام إلى تركيا وسيادته فيها عقيدة ونظام حياة سيعنى أن تعود للإسلام قلعته الكبرى، ومن ثم ينطلق انطلاقه جديدة تقضي على محاولات ومخططات أعدائه. ومن هنا كانت دعوة الكاتب إلى أخذ الحذر من التيار الجديد.
والكاتب معذور - لا شك - في تخوفه، فهو يهودي عريق وعتيق، وهو يعلم أن انطلاقة إسلامية جديدة ستعني - من بين ما تعني - إعادة الحق إلى نصابه في فلسطين، واقتلاع الوجود اليهودي فيها من جذوره، وهذا تفسير علامات الهلع في مقالته.
ولكن دعوة الإسلام ستنطلق إن شاء الله، وتحطم العلمانية وأسسها، وتزيل ذلك الذل الذي جلبته على تركيا المسلمة، والذي من مظاهره أن يهوديا مثل سام كوهين هذا، يكتب مقالا يحذر فيه من الإسلام بحجة التخوف على (مكاسب) العلمانية. ألست ترى حقده الأسود، ومكتنفات نفسه الكالحة تلمح بين سطور مقاله، ودليل على ذلك تلك الشواهد التي استشهد بها. فهو ينكر على أئمة المساجد إنكارهم للبس المرآة الرداء القصيص (الميني جوب) ويتشفى من الفتاة المسلمة التي أصرت على ارتداء خمارها في قاعة الدرس. لماذا يرى كوهين أن بحث القضية في البرلمان أمرا ذا مغزى خطير؟..