واشتراط هذا الشرط قد يكون نظرياً لا عملياً لأنه لا يمكن كما قلت تصور الجمع بين عدم الاعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله وبيّن العمل به. وإذا أفتى العلماء بمثل ذلك أو عملوا لا يتوقون عدم الاعتقاد مثال ذلك ما قاله الإمام البيهقي في حديث أبي هريرة في سترة المضلي وفيه:"فإن لم تكن معه عصاً فليخططْ خطً".
قال بعد أن ذكر الاختلاف في سنده وأنه لم يرد إلا من هذا الوجه قال:"واحتج الشافعي رحمه الله بهذا الحديث في القديم ثم توقف فيه في الجديد "فقال في كتاب البويطي: "ولا يخط المصلي بين يديه خطاً إلا أن يكون في ذلك حديث ثابت فليتبع وكأنه عثر على ما نقلناه من الاختلاف في إسناده. ولا بأس به في مثل هذا الحكم إن شاء الله".
تعقيب على ما تقدم:
قال عجاج الخطيب:"وقد يقال أن ثبوت الفضائل والترغيب فيها لا يلزمه حكم، فحين يروى خبر ضعيف في ثواب أمر من الأمور الثابت استحبابها والترغيب فيه أو في فضائل بعض الصحابة - رضي الله عنهم- لا يلزم من هذا الخبر ثبوت حكم فنقول هذا لا خلاف فيه من حيث عدم إثبات حكم في الفضائل ولكن الخلاف والكلام في رواية الضعيف والعمل به عامة".
والقول بالعمل في الأحاديث الضعيفة بالشروط المتقدمة نظري لا عملي بالنسبة لجماهير الناس لأنه من أين لهم تمييز الحديث الضعيف من الضعيف جداً ومن أين لهم تمييز ما يجوز العمل به منه مما لا يجوز. وكيف يجمعون بين العمل وبين عدم اعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله؟! ومن أين يعرفون أنه داخل تحت أصل كذا وكذا إلى غير ذلك.
فيرجع الأمر إلى منع العمل بالحديث الضعيف مطلقاً، كما ذهب إليه أهل القول الأول وهو ظاهر قول ابن حبان في كتابه المجروحين. أن ما روى الضعيف وما لم يرو في الحكم سيان.
والعامل بالحديث الضعيف يخشى عليه من مشاركة الكذابين بالإثم الوارد في حق من فعل ذلك لأنه صدق ذلك بعمله.