كان كلّ رسول يقول لأهل القرية التي أرسل إليها بعد أن يجيبوه بأنهم سوف يظلون على دين آبائهم، كان يقوله لهم: أتتبعون آباءكم ولو جئتكم من عند ربكم بدين أهدى إلى طريق الحق وأدل على سبيل الرشاد من دين آبائكم الباطل وملتهم الخاسرة.
كان أهل تلك القرى يقولون لأولئك الرسل الذين أرسلوا إليهم:
إنّا بما أرسلتم به جاحدون منكرون ولو كان أهدى مما وجدنا عليه آباءنا.
لقد انتقمنا من أولئك المكذبين بالرسل، فانظر يا محمد كيف كان عاقبة المكذبين، ولا تكترث بما يفعل المشركون، وسوف يرون أيَّ منقلب ينقلبون!!
وقد جاء هذا الاستفهام {أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ} جاء مفيداً الإنكار (بمعنى لا ينبغي) ومفيداً التعجب:
فقد أنكر الرسل على أقوامهم الكافرين أن يتبعوا دين آبائهم الباطل، وأن يعرضوا عمّا جاؤهم به من الدين الحق، أنكروا على الكافرين ذلك، وعجبوا أن يقلدوا آباءهم تقليداً أعمى لا يقوم على تفكير سليم، ولا على حجة من كتاب منزل.
وهناك جملة محذوفة مقدَّرة بعد همزة الاستفهام دلّ عليها ما قبل الهمزة والتقدير أتتبعون آباءكم ولو جئتكم بأهدى ممّا وجدتموهم عليه، وهذه الجملة المحذوفة المقدّرة هي ومتعلقها موضع الإنكار والتعجب.
أختي العزيزة:
أمّا همزة الاستفهام الداخلة على (كلّما) الشرطية فقد وردت في آيتين اثنتين:
الآية الأولى قوله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} . الآية (٨٧) من سورة البقرة.