ولمّا جاء اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله بتصديق ما اشتملت عليه التوراة التي معهم من أن محمداً نبي الله- نبذ علماؤهم الذين أعطاهم الله العلم بالتوراة، نبذوا هذه التوراة ورفضوا العمل بما جاء فيها وهو التصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم.
لقد رفض علماء بني إسرائيل الذين يعلمون ما في التوراة من الأمر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه، رفضوا التصديق به واتباعه، ورفضوا الوفاء بما عاهدوا الله عليه، كأنهم لا يعلمون التوراة ولا يعلمون ما جاء فيها، وكأنما التوراة لم تخطر لهم على بال.
ولقد جاء هذا الاستفهام:{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} جاء مفيداً الإنكار (بمعنى لا ينبغي) ومفيداً التوبيخ:
فقد أنكر الله عزّ وجلّ على اليهود ووبخهم أن ينقض أكثرهم ما عاهدوا الله عليه مرة بعد مرة وكرة بعد أخرى حتى أصبح نقض العهود خلقاً لازماً فيهم لا يبرح، وسجية أصيلة لا تنفك.
فموضع الإنكار والتوبيخ هو جواب كلما مع متعلقه: وهو نبذ فريق منهم العهد كلّما عاهدوا الله عليه.
و (عهداً) في قوله تعالى: {عَاهَدُوا عَهْداً} مفعول ثان لعاهد، لأن عاهد هنا تضمنت معنى أعطى فتأخذ مفعولين، والمفعول الأول محذوف لدلالة السياق عليه، والتقدير: أو كلّما عاهدوا الله عهداً.
أختي العزيزة:
أمّا همزة الاستفهام الداخلة على (لمّا) الشرطية فقد وردت في آية واحدة هي قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . الآية (١٦٥) من سورة آل عمران.