و (كلّما) أداة شرط لا تجزم، وهي ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب على الظرفية، وجملة (جاءكم) جملة الشرط، وجملة استكبرتم جملة الجواب، والعامل في كلما هو جوابها، ولا يكون شرطها وجوابها إلاّ فعلاً ماضياً.
و (كلما) تفيد التكرار: تكرار الشرط وتكرار الجواب [٧] .
وموضع الإنكار والتوبيخ والتعجب هو جواب كلّما مع متعلقه، فموضع الإنكار والتوبيخ والتعجب في هذه الآية الكريمة هو تكبر بنى إسرائيل على الرسل وقتلهم وتكذيبهم كلما جاءوا إليهم.
الآية الثانية التي دخلت فيها همزة الاستفهام على (كلّما) الشرطية جاءت في قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلا الْفَاسِقُونَ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ} الآيات: (٩٩- ١٠١) من سورة البقرة.
تتضمن هذه الآيات الكريمة:
لقد أنزلنا إليك يا محمد هذا القرآن مشتملاً على آيات واضحات تبين لعلماء بني إسرائيل وأحبارهم الجاحدين نبوّتك، المكذبين برسالتك، تبين لهم أنك رسول الله حقاً وصدقاً، وما يجحد تلك الآيات الدالة على صدق نبوّتك وصدق رسالتك إلاّ الخارجون منهم من دينهم الكافرون بما اشتملت عليه توراتهم.
ومن قبائح يهود بني إسرائيل أيضاً أنهم كانوا كلّما عاهدوا ربهم عهداً لَيعملُنَّ به نقض فريق منهم ذلك العهد، ولقد كانت تلك المعاهدات التي يعاهدون عليها الله ثم ينقضونها كثيرة جداً، حتى لكأنما أصبح إعطاء العهود ثم نقضها سجية فيهم وخليقة. وما كان أولئك اليهود الذين يعاهدون فينقضون قلة في العدد، بل كان أكثرهم يعاهد فينقض ويكفر بالله ورسوله.