أخبروني- أيها المشركون- عن هذه الأوثان التي تعبدونها من دون الله، أخبروني أيّ شيء خلقوا من الأرض فيكون لكم بذلك حجة في عبادتكم إياها، أم كان لهذه الأصنام مشاركة في خلق السموات فيكون لكم بذلك حجة في تلك العبادة؟!!
ائتوني أيها المشركون بكتاب من عند الله جاء قبل هذا القرآن يشهد بصحة ما أنتم عليه من عبادة غير الله، أو ائتوني ببقية من علم الأولين تثبت ذلك.
إن كنتم أيها المشركون صادقين فيما تدعون فهاتوا برهانكم فإن الدعوى بدون دليل لا تغني من الحق شيئا.
و {أَرَأَيْتُمْ} هنا بمعنى أخبروني، والمستخبر عنه {مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} ، ومتعلق الاستخبار ومناطه الجملة الاستفهامية:{مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْض} . والمعنى: أخبروني أيها المشركون محن هذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله، أي شيء خلقت من الأرض فاستحقت به أن تعبد.
أما أعراب {أَرَأَيْتُمْ} فهي علمية تأخذ مفعولين: الأول اسم الموصول {مَا} في {مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} ، والثاني الجملة الاستفهامية:{مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْض} ، و {أَرُونِي} جملة معترضة بين المفعولين مؤكدة لأرأيتم، لأنهما على معنى واحد: فأرأيتم بمعنى أخبروني، وأروني بمعنى أخبروني.
ويجوز في {أَرُونِي} أن لا تكون معترضة، وحينئذ تكون المسألة من باب التنازع: فأرأيتم وأروني تنازعا الجملة الاستفهامية: {مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْض} فأرأيتم تطلبها على أنها مفعولها الثاني، أروني تطلبها كذلك على أنها المفعول الثاني لها، فأعمل الثاني، وحذف في الأول. وأما إعراب {مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْض} فقد مرّ في إعراب الآية العاشرة. وقد جاء استفهام {أَرَأَيْتُمْ} هنا مفيدا التقريع والتوبيخ ومفيدا التنبيه: