للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقريع المشركين وتوبيخهم على عبادتهم غير الله مع علمهم أن الأصنام وغير الأصنام مما يعبد من دون الله ليست على شيء تستحق به أن تعبد، فهي لم تخلق شيئا في الأرض ولا شيئا في السماء، ولم يُنزَّل بصحة عبادتها كتاب من عند الله، ولم يؤثر عن الأولين ما يثبت صحة تلك العبادة.

وقد نبّه هذا الاستفهام المشركين ولفت أنظارهم إلى أن هذه الأصنام التي يعبدونها لم تخلق شيئا في الأرض ولا شيئا في السموات، ولم تثبت صحة عبادتها في كتاب منزل ولا في علم أُثِر عن الأولين، فكيف تصح عبادتها، وبأي شيء تستحق هذه العبادة؟!

الذي يستحق العبادة هو الذي خلق الأرض السموات وحده، والذي أُنزلت الكتب من لدنه تثبت وحدانيته جلّ وعلا.

الآية الرابعة عشرة: قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} الآية (١٠) من سورة الأحقاف.

في هذه الآية الكريمة يأمر الله سبحانه وتعالى نبيّه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين الكافرين بالقرآن ما يتضمن:

أخبروني أيها الكافرون- إن كان هذا القرآن س عند الله وكذبتم به وشهد شاهد عظيم الشأن من بنى إسرائيل على التوراة التي هي مثل القرآن في أنها من عند الله، فآمن هذا الشاهد بالقرآن أنه من عند الله، واستكبرتم أنتم عن الإيمان به، أخبروني من أظلم منكم؟! إن الله لا يهدى القوم الظالمين الذين يظلمون أنفسهم فيكذبون بالقرآن وبمن أنزل عليه هذا القرآن.

و {أَرَأَيْتُمْ} هنا بمعنى أخبروني، والمستخبر عنه محذوف، ومتعلق الاستخبار ومناطه جملة استفهامية محذوفة أيضا، والتقدير: أخبروني عن حالكم- إن كان هذا القرآن من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم- ألستم ظالمين.