أما إعراب {أَرَأَيْتُمْ} فهي علمية تنصب مفعولين، وقد حذفا لدلالة المعنى عليهما، وتقديرهما: أرأيتم حالكم ... ألستم ظالمين، فحالكم هو المفعول الأول، والجملة الاستفهامية:(ألستم ظالمين) هي المفعول الثاني. وجواب الشرط {إِنْ كَانَ} محذوف، يدلّ عليه قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} . وقدّره أبو حيان: فقد ظلمتم.
وفي جواب الشرط هذا آراء أخرى ذكرها أبو حيان في تفسيره البحر المحيط، وذكرها صاحب الفتوحات الإلهية في حاشيته على تفسير الجلالين (١) ، ولكن هذه الرسالة لا تتسع لذكرها، ولا طائل تحتَها.
وجيء في الشرط {إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} بحرف (إِنْ) الذي من شأنه أن يكون في الشرط غير المجزوم بوقوعه مراعاة لحال المخاطبين على نحو ما سبق بيانه (في الآية الخامسة من آيات هذه الرسالة) في قول الأنبياء: نوح وصالح وشعيب لأقوامهم: {إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} مع أنهم كانوا على يقين من تلك البينة.
واستفهام {أَرَأَيْتُمْ} هنا يفيد توبيخ المشركين على كفرهم بالقرآن أن يكون من عند الله مع أنه قد شهد شاهد عظيم الشأن من علماء بني إسرائيل على كتاب آخر مماثل للقرآن وهو التوراة بأنه من عند الله.
وكانت شهادة علماء بنى إسرائيل حجة لأن هؤلاء المشركين كانوا يثقون فيهم ويصدقونهم.
ويفيد أيضا التنبيه تنبيه المشركين على أن كفرهم بالقرآن لا يقوم على حجة، وفيه مخالفة لشهادة شاهد من بنى إسرائيل الذين كانوا يظنون فيهم الصدق.