هذا، و {أَرَأَيْتُمْ} هنا بمعنى أخبروني، والمستخبر عنه {مَا تُمْنُونَ} ، ومتعلق الاستخبار ومناطه الجملة الاستفهامية:{أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} ، والمعنى: أخبروني عن المنيّ الذي تمنونه في الأرحام، أأنتم تخلقونه أم الله.
أما إعراب {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} : فأرأيتم علمية تأخذ مفعولين: الأول اسم الموصول (ما) وجملة تمنون صلته، والعائد محذوف تقديره ما تمنونه، والمفعول الثاني الجملة الاستفهامية:{أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} ، و {َأَنْتُمْ} مبتدأ وجملة تخلقونه خبره، و (أم) عاطفة متصلة، وقد اعترض على كونها متصلة بأن المتصلة هي التي تعطف المفردات، وهنا جاء بعدها جملة من مبتدأ وخبر، وأجيب عن هذا بأن {الْخَالِقُونَ} جاء توكيدا للفعل السابق وهو (تخلقون) ، وجاء أيضا لمراعاة الفواصل، فلو قيل أأنتم تخلقونه أم نحن لا كتفي به وتمّ المعنى المراد، وعلى هذا فالجملة بعد أم في تأويل المفرد.
وجَوّز بعض العلماء أن تكون (أم) منقطعة بمعنى بل، والكلام معها يفيد التقرير، والمعنى: بل نحن الخالقون. وفي رأيي أن هذا لا يخلو من بعد وتكلف، وهو خلاف المعنى المتبادر.
واستفهام {أَرَأَيْتُمْ} هنا يفيد التقرير والتوبيخ: التقرير بمعنى طلب الاعتراف بالإجابة عن السؤال الذي تضمنته {أَرَأَيْتُمْ} مع معمولها وهو: أخبروني مَنْ خالق المني الذَي تمنونه في الأرحام: أأنتم أم الله؟
ولما كانت إجابتهم عن هذا السؤال معلومة لا يشك فيها، وهي أن الله هو الخالق- استغنى عن ذكرها.
ويفيد توبيخ هؤلاء المشركين على إنكارهم البعث، وتكذيبهم بقدرة الله تعالى عليه، مع أنهم يعترفون بأنه تعالى هو الذي خلقهم وأنشأهم أول مرة، وكان مقتضى اعترافهم هذا أن يؤمنوا بالبعث، لأن القادر على الخلق ابتداء قادر على الإعادة.