الآية السابعة عشرة: في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ َوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} الآيات: (٦٣-٦٧) من سورة الواقعة.
يردّ الله سبحانه وتعالى على المشركين الذين ينكرون البعث فيقول لهم ما يتضمن:
أخبروني عن البذر اليابس الميت الذي تبذرونه في الأرض التي تحرثون، أأنتم تنبتونه وتجعلونه زرعا حيًّا ناميا يزهو ويرفّ، أم نحن؟ فإذا أقررتم بأن الله هو الذي يفعل ذلك- ولا محيص لكم عن هذا الإقرار- فكيف تنكرون قدرته على إخراج الأموات من الأرض وإعادتهم أحياء؟!!
لو يشاء الله لجعل هذا الزرع الأخضر اليانع حطاما لا خطير فيه، فتصيبكم الحسرة والندم مما نزل به، وتظلون على ذلك تقولون إنّا لمهلكون، قد ذهب الذي بذرناه في الأرض سدي من غير عوض، وحُرمنا ما كنّا نرجوه من رزق وغلال وطعام.
و {أَرَأَيْتُمْ} هنا بمعنى أخبروني والمستخبر عنه البذر الذي يبذرونه في الأرض التي يحرثون، ومتعلق الاستخبار ومناطه الجملة الاستفهامية:{أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} .
والمعنى: أخبروني أيها المشركون عن البذر الذي تبذرونه في الأرض التي تحرثون، أأنتم تنبتونه وتجعلونه زرعا أخضر ينمو ويرفّ وُيعجب أم الله؟
وقد جاء استفهام {أَرَأَيْتُمْ} مفيدا التقرير والتوبيخ:
التقرير بمعنى طلب الاعتراف بالإجابة عن السؤال الذي تضمنته أرأيتم مع معمولها، وهو أخبروني عن البذر اليابس اَلميت الذي تلقونه في الأرض التي تحرثونها، من يُنبته لكم فيجعله زرعا حيًّا ناميا زاهيا؟ أأنتم أم الله؟
ولما كانت الإجابة عن هذا السؤال معلومة لا يشك فيها، وهي اعترافهم بأن الله جلّت قدرته هو الذي يفعل ذلك- استغنى عن ذكر هذه الإجابة.