ويفيد التوبيخ توبيخ هؤلاء المشوكين على إنكارهم البعث وتكذيبهم بقدرة الله عزّ وجلّ على إحيائهم بعد الموت، مع أنهم يشاهدون الدلائل والبراهين تملأ عليهم أبصارهم، ومنها هذا البذر الذي يلقونه في الأرض ميتا يابسا فيجعله الله تعالى زرعا حيًّا ناميا زاهيا.
وإعراب {أَرَأَيْتُمْ} ومعمولها هنا قد مضى مثله في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ} من سورة الواقعة.
الآية الثامنة عشرة: في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ} الآيات: (٦٨- ٧٥) من سورة الواقعة.
يخاطب لله جلّ وعلا في هذه الآيات الكريمة المشركين الذين كانوا ينكرون البعث، يخاطبهم بما يتضمن: أخبروني عن هذا الماء الذي تشربون، أأنتم خلقتموه عذبا صالحا للشرب وأنزلتموه من السحاب أم نحن الخالقون المنزلون؟
إنّا نحن الخالقون المنزلون، وهذا ما لا سبيل إلى إنكاره، ولو شئنا لأمسكناه عنكم، أو جعلناه مِلْحا زُعاقا لا تنتفعون منه في شرب ولا زرع ولا في شيء غير ذلك.
فهلاّ تشكرون الله الذي أنشأ لكم هذا الماء وأنزله عليكم عذبا فُراتا سائغا تشربون منه وتحيون ويحيا به كل شيء حي.
فهلاّ تشكرون الله وتنبذون هذا الكفر الذي أنتم فيه وهذا الشرك الذي أنتم عليه، وهلا تعترفون بقدرة الله تعالى على أن يخلقكم مرة ثانية كما تعترفون بأنه الذي يخلق الماء في السحاب وينزله عليكم فيكون سببا في حياتكم وحياة ما حولكم من زرع وحيوان ونبات!!