و {أَرَأَيْتُمْ} هنا بمعنى أخبروني، والمستخبر عنه الماء الذي يشربونه، ومتعلق الاستخبار ومناطه الجملة الاستفهامية:{أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} ، والمعنى: أخبروني أيها المشركون الذين تنكرون البعث وقدرة الله على هذا البعث، أخبروني عن هذا الماء الذي تشربونه عذبا فُراتا فيكون به حياتكم، أأنتم أنشأتموه في السحاب وأنزلتموه منه أم نحن المنشئون المنزلون؟!!
وقد جاء استفهام {أَرَأَيْتُمْ} هنا مفيدا التقرير والتوبيخ:
التقرير على معنى طلب الاعتراف بالإجابة عن السؤال الذي تضمنته {أَرَأَيْتُمْ} ومعمولها وهو: أخبروني عن الماء الذي تشربونه، أأنتم خلقتموه عذبا صالحا للشرب وأنزلتموه من السحاب أم نحن المنزلون؟
ولما كانت الإجابة عن هذا السؤال معروفة لا يشك فيها وهي اعترافهم بأن الله تعالى هو الذي يفعل ذلكَ- استغنى عن ذكر هذه الإجابة.
ويفيد توبيخ هؤلاء المشركين على إنكارهم قدرة الله تعالى على بعثهم بعد الممات، على حين يعترفون بقدرته تعالى على خلق الماء في السحاب وإنزاله عليهم فيكون سببا في حياتهم.
وقد سبق إعراب مثل هذا الاستفهام في قوله تعالى:{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ} .
الآية التاسعة عشرة: في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} الآيات: (٧١-٧٤) من سورة الواقعة.
في هذه الآيات الكريمة يردّ الله سبحانه وتعالى على المشركين الذين ينكرون البعث ويكذبون بقدرة الله تعالى عليه، يردّ عليهم بما يتضمن:
أخبروني أيها المشركون عن هذه النار التي تخرج من الشجر الأخضر بحكّ بعضه ببعض، أأنتم أنشأتم شجرتها وخلقتم النار التي فيها أم نحن المنشئون الخالقون؟