وتوفي فردلند (فرناندو الأول) ملك قشتالة وليونِ عام ٤٥٨هـ/١٠٦٥م بعد أن قسّم دولته بين أولاده الثلاثة، حيث تحارب الأخوة حربا لم يستغلها المسلمون لتفرقهم ولتمكنّ الروح الانهزامية في نفوسهم، وانتصر في هذه الحروب شانجه وهرب أخوه الفونسو (الاذفونش) ولجأ إلى طليطلة عند ملكها يحي بن إسماعيل بن ذي النون الملقب بالمأمون، فقابله بالترّحاب وبالغ في إكرامه، وأنزله داراً مجاورة لقصره، وجعل له داراً أخرى خارت المدينة ذات حدائق تكون متنزّهاً له ولمرافقيه، حيث قضى تسعة شهور درس فيها أحوال المدينة تمهيداً للاستيلاء عليها. وكان الأخ الثالث غرسيه قد لجأ إلى اشبيلية عند بني عباد. واغتيل شانجه عام ٤٦٥هـ/١٠٧٢م فاستدعي الفونسو لتولّي الحكم، بعد أن قطع الوعود للمأمون، وأصبح ملكاً لقشتالة وليون وجيليقية باسم الفونسو السادس (الاذفونش عند المسلمين) فتوحدّت أسبانيا النصرانية حيث قضى غرسيه الأخ الثالث بقيّة عمره في السجن لمدة سبعة عشر عاماً (١)
من هذا العرض لأوضاع المغرب والأندلس نرى أن المغرب الإسلامي كان يمر في حركة تغيير شاملة على أسس إسلامية، وعلى يد المرابطين، وتنبعث فيه حياة جديدة، وقوة وثّابة، كالحركة التي شهدها المشرق الإسلامي على يد السلاجقة. في حين كانت الأندلس الِإسلامية تشهد حركة عكسية، حركَة يتوالى فيها تمزّق المسلمين، وتتوالى الانتكاسات، وتسرّبت إلى زعمائهم الروح الانهزامية أمام القوى النّصرانية الصّاعدة الحاقدة على الإسلام وأهله، والتي تجنّدها البابويّة من نصارى أسبانيا وأوربا.
وأمام فقدان المسلمين في الأندلس قوتهم الذاتية تلمّسوا حولهم، فوجدوا القوى الإسلامية في العدوة الأخرى، فاندفعوا للعمل للاتصال بالأخوة، وخاصة بعد قمة الفاجعة الأندلسية- سقوط طليطلة بيد النصارى.