للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقد استمرّت المعركة يوماً واحداً لا غير، حطّم الله شوكة العدو ّالكافر، ونصر المسلمين، وأجزل لديهم نعمه، وأظهر بهم عنايته، وأجمل لديهم صنعه (١) . وكلّ الدلائل (التي بيّناها) تشير أن خطّة أمير المسلمين كانت حسم المعركة بسرعة حتّى وإن كَثُرَت الخسائر، وذلك لاستغلال حماس المسلمين وقبل أن تفتر همة أمراء الطّوائف. وتحقّقت خطّته بأمر الله.

واستشهد عدد كبير من المسلمين بينهم عدد من العلماء الفضلاء وأعيان النّاس. ومن العلماء: ابن رميلة صاحب البشرى، وقد ترجم له ابن بشكوال في الصّلة (٢) فوصفه بأنه: "كان كثير الصّدقة وفعل المعروف، واستشهد بالزلاّقة مُقبلاً غير مدبر عام ٤٧٩ هـ". واستشهد العالم أبو مروان عبد الملك المصمودي قاضي مرّاكش (٣) . والفقيه أبو رافع الفضل ولد الِحافظ العالم الأندلسي الفقيه الأديب أبي محمد بن حزم، قضى في معركة الزلاقة شهيداَ (٤) .

وهكذا كان العلماء على المقدّمة في كافّة الميادين، حصون الأمة وقادتها، ومثالها، قدوة للمسلمين، مثالاً صافياً نقيّاً دائماً، لا ينزوون عن الأحداث، ويبرزون في صفاء الجود والنّعمة، لا سيّما علماء القرآن الكريم والسنّة المطهرّة، وعلماء الشّريعة، والتّاريخ، والقضاء، لأن العلم إيمان وعمل، وصدارة العلم لها مسئوليتها وتكاليفها، فرحمهم الله وأجزل لهم المثوبة.


(١) نفح الطيب جـ٤ ص ٣٦٧/ أعمال الأعلام جـ٣ ص ٢٤٤.
(٢) ٦٨ رقم ١٤٤/ وانظر نفح الطيب جـ٤ ص ٣٦٩/ الروض المعطار ص ٩٣.
(٣) الروض المعطار ص ٩٤- ٩٥.
(٤) وفيات الأعيان جـ٣ ص ٣٢٩/ وقد حدّث عن والده: سير أعلام النبلاء جـ١٨ ص ١٨٦.