للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا تمكّنت الكنيسة من الزّجّ بكثير من نصارى أوربا في صفوف مقاتلة ملوك أسبانيا، بحيث أصبح معينُهم لا ينضب من الرّجال والمال والسّلاح. فاستطاع الفونسو بسرعة مدهشة أن يحشد جيشاً جديداً جاءت إمداداته من فرنسا ونورمندية وألمانية، والفلاندر بروح صليبيّة، ولم يمضِ عام واحد على هزيمته حتى تمكّن من استعادة قواه، وأخذ المبادرة وبدأ بعمليّات الهجوم، ونقل ميدان نشاطه إلى شرق الأندلس، وتحالف مع الكامبيدو، وأنشأ حصن اليدو (الييط) بين مرسية ولورقة، وافر المناعة ضخماً، شحنه بالسلاح والمال والرّجال، وبلغت حاميته ثلاثة عشر ألفاً منهم ألف فارس، بالإضافة إلى أنه ضم جماعات نصرانية التجأوا إليه، واتّخذه النّصارى قاعدة للإغارة على أراضي مرسية والمرية، وبثّوا الرعب والفزع في قلوب المسلمين في تلك الأنحاء، وعجزت القوات الأندلسية عن ردّ عدوانهم، فضجّ أهل تلك الأنحاء وعادت الوفود من أهل الأندلس تترى على أمير المسلمين وخاصة من بلنسية ولورقة ومرسية، فكثر الصريخ، وكثرت رسل الإنجاد والغوث (١) . وتلقىّ الكتب من فقهاء الأندلس وأعيانها، يلحفون في رجاء الإنجاد والغوث لقمع بغي النّصارى والاستيلاء على اليدو مركز بغيهم، وعبر ابن عبّاد بنفسه مع بعض خاصّته والتمس منه العون (٢) .


(١) عنان- الطوائف ص ٣٣٢/ الحلل الموشية ص٤٧ و٤٨.
(٢) المغرب الكبير ص ٧٣٠.