للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهاجم الفونسو جيّان في الأندلس في جموع صليبية عظيمة عام ٤٨٥هـ فالتقاه المسلمون فانهزموا، ثم تراجع الناس وثبتوا، ونزل النّصر وكان ملحمة كبيرة قتل فيها خلق كثير من النّصارى (١) .

وهاجم النّصارى بلنسية عام ٤٨٨ هـ، واستسلمت بعد حصار دام ٢٠ شهراً (٢) وأحلّ النصارى بأهلها أنه المحن وامتحُنوا بأفانين البلاء، وقام الكامبيدو بعمليات الحرق والتهجير، فحركت مشاعر المسلمين كما حدث يوم سقوط طليطلة، وقد صور الشعر الأندلسي هذه المأساة، يقول الشاعر البلنسي المعاصر أبو اسحق بن خفاجة (٤٥٠- ٥٣٣هـ) (٣) :

عاثت بساحتك الظّبا يا دار

ومحا محاسنك البلا والنار

فإذا تردّد في جنابك ناظر

طال اعتبار منك واستعبار

أرض تقاذفت الخطوب بأهلها

وتمخضّت بخرابها الأقدار

كتبت يد الحدثان في عرصاتها

لا أنت أنت ولا الدّيار ديار

وقد سيرّ يوسف جيشاً بقيادة أخيه محمد بن تاشفين لاستعادتها، فانهزم المسلمون أولاً، ثم تمكّنوا من استعادتها عام ٤٩٥ هـ/١١٠٢م بقيادة الأمير المرابطي أبي محمد مزدلي (استشهد بالأندلس عام ٥٠٨ هـ) (٤) .

وفي هذه الفترة تبلغ الحرب الصّليبيّة ذروتها شرقاً وغرباً، فسقطت بيت المقدس (مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولى القبلتين) عام ٤٩٢ هـ في أيدي الصليبين، ودقّت الأجراس في كلّ أنحاء أوربا فرحاً بذلك (٥) ، واستخفّ الطرّب بالبابا باسكال الثاني فكان مرسومه بإعلان الحروب الصليبية في أسبانيا ضد المسلمين (٦) .


(١) العبر جـ٢ ص٣٤٩/ الكامل جـ٨ ص١٦٠.
(٢) البيان المغرب جـ٧ ص ٣٥٦/ نفح الطيب جـ٤ ص ٤٥٥/ أعمال الأعلام جـ٢ ص ٢٠٤.
(٣) نفح الطيب جـ٤ ص ٤٥٥.
(٤) البيان المغرب جـ٤ ص ٤١، ٤٢، ٦٠.
(٥) اشباخ - تاريخ الأندلس ص ١١١.
(٦) انظر التواتي ص ٤٢٢- ٤٢٤.