للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاز أمير المسلمين إلى الأندلس للمرة الثالثة في أوائلِ عام ٤٨٣ هـ، واتّسمت حملته بطابع الجهاد، ليتأكد من مواقف ملوك الطوائف، فسار توّاَ إلى طليطلة واجتاح في طريقه أراضي قشتالة، ولم يتقدم أحد من أمراء الطوائف، لمعاونته أو السير معه، وعاث المرابطون في أحواز طليطلة، وخربوا ضياعها، وانتسفوا زروعها، ثم ضربوا حولها الحصار، وبداخلها الفونس وحليفه سانشو، ثم تراجع أمير المسلمين عنها لصعوبة فتحها، وليصفي حسابه مع ملوك الطّوائف، لتوحيد كلمة الأندلس، وتكوين جبهة أندلسية مغربية لمواجهة الأخطار الصليبية.

عاد يوسف إلى المغرب في شهر رمضان عام ٤٨٣ هـ، وفوّض إلى قائده الكبير سير اللمتوني شئون الأندلس، وتصفية الحساب مع ملوك الطّوائف، حيث أمده عام ٤٨٤ هـ بأربعة جيوش مرابطيّة لمنازلة الطّوائف. وقام بالمهمة ولم يستثن منهم سوى المستعين بالله أحمد ابن هود صاحب سرقسطة لقيامه بحقّ الجهاد (١) . وكان آخر من استسلم: أشبيلية يوم ٢١ رجب عام ٤٨٤ هـ، وسيق ابن عبّاد أسيراًَ ليقضي بقيّة حياته في اغمات (٢) . واستراحت الأندلس الإسلامية من ملوكها الضّعاف، وعاشت في ظلّ المرابطين سعيدة في رفاهية، وعلى أحسن حال ودخلت مرحلة جديدة من القوة، وكُتب على المرابطين أن يحملوا راية الجهاد أمام هجمات الصليبية الحاقدة، دون كلل أو ملل في الوقت الذي اشتدّ فيه ساعد النّصارى بما تدفّق عليهم من فرسان الصليبية، واتسع نطاق الحروب الصليبية، فاستولى النورمان على صقلية نهائيا عام ٤٨٤ هـ (٣) .


(١) الحلل الموشية ص ٧٣.
(٢) نفح الطيب جـ٢ ص ٤٥٣/ الإحاطة في أخبار غرناطة جـ٢ ص ٨٢/ العبرجـ٢ ص ٣٥٨- ٣٥٩/ الكامل جـ٨
ص ١٧٧/ المؤنث ص ١٠٩/ عنان- الطوائف ص ٣٥٤.
(٣) العبر جـ٢ ص ٣٤٧/ الكامل في التاريخ جـ٨ ص ١٥٧.