للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأحبُّ أنْ أقولَ أولاً: إنَّ عدم توفر بضع كتب من الأمهات لا يقدح في سعة دائرته، وكثرة موارده، فقد تكون مواد هذه الكتب قد توفرت لديه من طرق أخرى في مصنفات مختلفة وبأسانيد أعلى فيستعيض بها عن تلك. وهذا الكلام ينطبق تماماً على قضيتنا، فقد توفر للبيهقي صحيح البخاري، ومسلم، وصحيح أحمد بن سلمة، وابن خزيمة، وأبي عوانة، وأبي بكر الإسماعيلي، وسنن أبي داود السجستاني، وسنن ابن جريج، والوليد بن مسلم الأموي، وسعيد بن منصور، وحرملة المصري، والكَجي، ويوسف البغدادي، وعلي المصري، والدارقطني، وعشرون مسنداً من المسانيد الجامعة الحافلة وغير ذلك من المعاجم والمصنفات. إلا أنني ذكرت هذه الصحاح والسنن بأسمائها باعتبارها مرتبة على نظام الكتاب والباب.

ولو أننا استثنينا "سنن ابن ماجة"لِقِلَّةِ خطورته، وضعف العديد من أحاديثه. أقول: لو أننا استثنينا هذه السنن لبقيت الشبهة محصورة في حدود كتابين هامين من الكتب الستة وهما: "سنن النسائي"و"جامع الترمذي". فإن هذين الكتابين لم يحصل البيهقي على حق الرواية والتحديث عنهما لأسباب نجهلها، ولعلّه لم يتمكن من سماعهما بإسناد عال فعَدَلَ عنهما لوجود مادتهما في بقية الكتب الموسَّعة التي تربو على المائة، والتي يملك حق روايتها بصورة شرعية. وليس معنى ذلك أن نقول كما قال الإمامُ الذهبيُّ: "ولم يكن عنده "سنن النسائي"، ولا"سنن ٠٠٠" إلا إذا قصدنا بذلك أنه لا يملك حق رواية هذه الكتب لعدم سماعه لها من حَمَلَتها. والسبب في ذلك أن هذين الكتابين "سنن النسائي"و"جامِع الترمذي"موجودان عنده بالفعل. وكان يستعملها بطريق "الوجادة"غالباً، وأحيانا يروى عنهما بالإسناد المتصل. وهاك أدلة ذلك:

١-سنن النسائي:

- قال البيهقي: "لفظ حديث ابن ناجية. وفي رواية النسائي...".

- وقال:"وبلغني عن أبي عبد الرحمن النسائي أنه قال: هذا حديث ... ".