وقد استعمل صيغاً علمية محدّده عند الأداء والاقتباس "كحدثنا وأخبرنا"في حالة السماع، فإذا تحمَّلَ قسماً من الكتاب بالسماع وتحمَّل ما تبقّى بطريقة أخرى نبّه على ذلك، وغاير بين الصيغتين فيقول في الأولى:"حدثنا"، ويقول في الثانية مثلاً:"أنبأنيه شيخنا أبو عبد الله الحافظ في (المستدرك) - فيما لم يُقْرأ عليه- إجازة". أو يقول في المكاتبة:"أنبأني أبو نصر بن قتادة، وكتبه لي بخطه". وفي حالة التحمل بالوجَادة يميز ذلك بقوله:"ورأيت في (كتاب العلل) لأبي عيسى الترمذي". أو يقول:"قَال أبو عيسى الترمذي في (كتاب العلل) "، وهذا هو التعبير الذي يكثر من استعماله في الاقتباس من الموارد التي أخذها بالوجادة، وأحياناً يقول في التعبير عنها:"بلغني".
ومما تجدر الإشارة إليه ما ذكره الإمام الذهبي في معرض حديثه عن موارد البيهقي
بشكل عام فقال:"وبورك له في علمه، وصنف التصانيف النافعة، ولم يكن عنده (سنن النسائي) ولا (سنن ابن ماجة) ، ولا (جامع أبي عيسى) ، بلى عنده عن الحاكم وقر بعير أو نحو ذلك، وعنده (سنن أبي داود) عاليا". وقد تابع الذهبيَّ جمعٌ من المؤرخين في ترديد هذه المسألة، منهم السبكيُّ والصفدي، وزاد الصفدي:"بأنَّ دائرته في الحديث ليست كبيرة".
وهذه المقالة غريبة جداً، والأغرب منها صدورها عن الحافظ المحقق الإِمام الذهبي، الذي هو أدرى الناس بموارد البيهقي وسعتها باعتباره قام بتهذيب السنن الكبرى وغيرها من كتب البيهقي. ولكن لا بأس من أن نناقشها بالدليل والمنطق فلعلّ الذهبي قد قالها قديماً وذلك قبل أن يعرف موارد البيهقي بشكل دقيق.