للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحادي عشر: العرف وهو دليل من أدلة الشرع حيث لا يوجد النص، أو يصادمه ما هو أقوى منه من أدلة الأحكام الأخرى.

والمراد بالعرف ما تعارف الناس عليه واعتادوه ولذلك قيل "العادة محكمة "، وذلك كما لو حلف لا يدخل بيتاً فإنه لا يحنث بدخول المسجد لأنه وإن سُمي بيتاً في اللغة فإنه لا يسمى بيتاً في العرف وكذلك لو حلف لا يأكل لحماً لا يحنث بأكل السمك والخلاصة أن ما تعارف الناس عليه من أوجه المعاملات والتصرفات يحكم بصحته طالما أنه لم يخالف دليلاً شرعياً معتبراً [٢٠] .

هذه هي أصول الأحكام وأدلة الشرع التي يبنى عليها الفقيه فقهه، ويلجأ إليها عند وقوع الحوادث والمشكلات وحيث إن موضوع الحيل من أدق الموضوعات، ويتطلب من أراد أن يبحر في عبابه أن يجيد فيه السباحة، وأن يكون من ربانه؛ لذلك كان لزاماً عليَّ أن أعطي هذه المقدمة الضافية المختصرة في الأدلة الشرعية لتعين المطلع على هذا الموضوع فهي أدوات لفهمه، ووسيلة لإيضاح غموضه، ولعلي ألقي الضوء على جانب من جوانب الفقه، جانب حارت فيه العقول وتباينت فيه الأفهام ما بين مجيز له ومانع، هذا الجانب هو جانب الحيل في الشريعة الإسلامية كما أرجو أن أوفق في موضوع شائق شائك تكبدت مصاعبه ومتاعبه لأجلي غموضه وأميط لثامه، ولأجل العلاقة الوطيدة بنا الحيل وسد الذرائع والاشتباه الحاصل بينهما في كثير من المواضع أحببت أن أبين بياناً مختصراً شافياً يزال فيه الالتباس وتتضح به أوجه الافتراق وأوجه الاجتماع بين هاتين القاعدتين قاعدة الحيل وقاعدة سد الذرائع فلنشرع في المقصود بعد بذل المجهود سائلين العون من المعبود.

سد الذرائع:

الذريعة لغة هي الوسيلة إلى الشيء، والجمع الذرائع قال ابن منظور: الذريعة جمل يختل به الصيد يمشى الصياد إلى جنبه فيستتر به ويرمي الصيد إذا أمكنه [٢١] .