للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم

بهن فلول من قراع الكتائب

كأنه قال: لم يصدر عن إبراهيم كذب قط وإن كذب فهو هذه المعاريض الثلاثة التي جادل بها دين الله.

وأما توجيه التعريض في الكذبات الثلاث فبيانه ما يلي:

الأولى: أشار الله إليها في كتابه الكريم بقوله: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [١٣١] ، وهذه الآية سيقت في معرض توبيخ إبراهيم عليه السلام لقومه على ما يعبدون من الآلهة الباطلة، ولها معنيان ظاهر وباطن، فأما الظاهر فهو غير مراد وهو الذي فهمه قومه، وهو أنه عليه السلام نظر نظرة في النجوم ليتعرف من أنباء الغيب ما قدر له في المستقبل من خير أو شر، بناء على معتقداتهم الفاسدة أنه يستدل بها على ذلك فكانت نتيجة ظاهر ما رآه أن قال: إني سقيم، أي قرب أن يلحق بي مرض شديد يمنعني من الخروج معكم لذلك لا أستطيع مغادرة مكاني، وباطنه أنه نظر في النجوم نظرة متدبر ومعتبر على ما هو اللائق بمقام أنبياء الله وغيرهِم من صالحي المؤمنين، فقال: إني سقيم القلب من شرككم بالله واتخاذكم الأصنام أرباباً من دون الله، والباعث له على هذا التعريض حتى ينصرفوا عنه فيخلوا بآلهتهم فيحطمها، وقد تم له ما أراد، قال تعالى: {فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَالله خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [١٣٢] .

فكان ذلك حيلة على هدم الطواغيت وإعلاء كلمة الله.