للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانية: أنهم لما دلهم على الله بالبراهين ولم يستمعوا له وأعرضوا عزم على الكيد لأصنامهم فقال: {وَتَالله لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قَالُوا سَمِعْنَا فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [١٣٣] ، وهذا القول {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُم هذا} ظاهره إسناد التحطيم إلى الصنم الكبير على أنه هو الذي حطم أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله، وهذا هو المفهوم الظاهر لأول مرة، وباطنه التوبيخ والتهكم والاستهزاء، والباعث له على ذلك أن يضطرهم إلى أن يسألوا آلهتهم عمن فعل بها التحطيم فلا تستطيع جواباً، فيتبين لهم أنهم على الباطن ببرهان عملي سديد، وهذا ما وقع منهم بالفعل لكن غلبت عليهم شقاوتهم قال تعالى: {فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله أَفَلا تَعْقِلُونَ} [١٣٤] .