والغالب على هذا الوجه في الاستعمال جرّ المتروك بمن، فتقول: أبدلت كذا من كذا. وعليه جرت عادة النحويين في باب البدل. أو يأتي بـ "مكان"أو "بعد"كقوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} وقوله: {ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ} . وقد يحذف اختصاراً كقوله تعالى: {وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً} على أحد الوجهين فيها، أي أهلكناهم وجئنا بأمثالهم في الخلق غير عاصين، فالتقدير بدّلنا منهم أمثالهم.
الوجه الثالث:
أن ترد البنية مؤدّية معنى أعطى مُعطَى شيئا عوض شيء، وذلك المعطى هو محل تعاقب العوضين، فيطلب الفعل ثلاثة يتعدى إليها، إلى الآذن المأخوذ منه بنفسه، والى المعطى المأخوذ كذلك، وإلى المتروك بالباء. كقوله تعالى: {وبَدَّلْناهُمْ بِجنَّتيْهم جنَّتين} (١) ، وكقول القائل:
أبْدلكِ الله بلوْنٍ لَوْنينْ
سوادَ وَجْهٍ وبَياضَ عَيْنين
وقام مقام الباء في هَذا ما يؤدي معناها كقوله تعالى: {وليُبدِّلنَّهم مِنْ بَعْد خَوْفِهم أمْنا} . ومنه قول القائل: وبُدّلتُ قرْحا دامياً بعد صحّةٍ
وقد تحذف الباء مع محلها اختصاراً لفهم المعنى، كقوله تعالى: {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْراً مِنْهَا} . أي أن يبدلنا بها خيراً منها.
وقد يضمّن الفعل في هذا الوجه معنى النقل والتحويل، فيتعدى تعدّيه، ومنه قول حبيب بعد قوله:
بسيب أبي العباس............... البيت المتقدم.
غَنِيتُ بهِ عَمَّنْ سِواهُ وبُدِّلتْ
عِجافاً ركابي عن سُعَيْدٍ إلى سَعْدِ
أي نقلَت عن هذا إلى هذا. ولا يمتنع في هذا الوجه أن تقول: بدّلتك من كذا بكذا.
فتدخل الباء على العوض الحاصل، أي جعلتك تتعّوض كما سيأتي في مثل: تَعَوَّضَ بالحِجارة مِنْ حُجورِ.
وقد تقدم الكلام في بيت المعري:
حتى تبَّدل مِنْ بُؤسٍ بِنَعْماءِ
الوجه الرابع: