وقال موسى لفتاه يوشع وقد بدأ الرحلة: سوف أظل أسير حتى أبلغ مجمع البحرين، فإما أن أجد الرجل على مقربة ودون نصب، وإما أن أمضي حقبا وسفرا ناصبا قبل أن أعثر عليه وألقاه.
وبلغ موسى وفتاه مجمع البحرين، وهناك وجدا صخرة كبيرة شاهقة، فجلسا يستريحان في ظلها، وسرعان ما غلب النوم على موسى فنام، أما يوشع فقبل أن ينام رأى الحوت في مكتله يضطرب ثم يتخذ سبيله في البحر سربا، وينام يوشع على أن يخبر موسى خبر الحوت ومما كان من أمره حين يستيقظان.
ويستيقظان، ويواصلان الرحلة، ويتجاوزان ملتقى البحرين، ويقطعان شوطا بعيدا عن تلك الصخرة، ويحسّ موسى بالجوع والتعب فيقول لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، ولكن يوشع يقول أسيفا معتذرا: أتذكر يا موسى إذ بلغنا مجمع البحرين وأوينا إلى تلك الصخرة نستريح وننام، هنالك نسيت الحوت، نسيت أن أذكر لك ما كان من شأنه، وما أنساني ذكره وقت الرحيل عن الصخرة إلا الشيطان، هنالك يا موسى أحيا الله تعالى الحوت فاتخذ سبيله في البحر عجبا.
لم يأس موسى ولم يغضب لفقدان الزاد والحوت، بل صاح يقول: ذلك ما كنا نبغي يا يوشع، فالرجل الذي ننشده سنجده في ذلك المكان الذي نسينا فيه الحوت فاتخذ سبيله في البحر عجبا.
وسرعان ما دبّ النشاط والعزم في موسى وفتاه فارتدا على آثار أقدامهما قصصا قبل أن تضيّع سافيات الرياح وأمواج البحر الممتدة آثار تلك الأقدام فيضلا الطريق.
ويصلان الصخرة، مكان فقدان الحوت، وإذا بهما يعثران على الرجل الذي كانا ينشدانه، عثرا على الخضر عليه السلام، وكان عبدا من عباد الله تعالى، آتاه الله النبوة، وعلمه غيب أمور أوحى بها إليه.