أما بقية القصة، وأما الحوار الذي دار بين موسى والخضر فقد جاء في الآيات التي وردت بعد هذه الآيات المتقدمة في سورة الكهف، وسوف أذكر بقية القصة وذاك الحوار حين أحدثك- إن شاء الله تعالى- عن همزات الاستفهام التي وردت في ذلك الحوار. هذا، وقد اختلفت آراء العلماء في (أرأيت) الواردة في هذه الآية، فذهب أبو الحسن الأخفش إلى أن أرأيت هنا ليست بمعنى أخبرني، لأنها لا تكون كذلك إلا إذا جاء بعدها مفعول به صريح يكون هو المستخبر عنه، ومن بعده جملة استفهامية هي مناط الاستخبار ومتعلقه، و (أرأيت) في هذه الآية ليست كذلك، فهي- في رأيه- قد خرجت عن معناها بالكلية، فهي لا تعمل ولا تنصب مفعولا به ولا مفعولين، وإنما هي بمعنى أمَّا أو تنبّهْ، والتقدير: أما إذا أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت، أو تنبّه إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت. وعلى رأي الأخفش هذا تكون (إذْ) الظرفية الزمانية المضافة إلى الجملة بعدها، تكون متعلقة بأرأيت.
أما الزمخشري فقد رأى في تفسيره الكشاف أن (أرأيت) هنا بمعنى أخبرني، وكأن المعنى على رأيه: أخبرني أي شيء دهاني إذ أوينا إلى الصخرة، أو أخبرني عما دهاني إذ أوينا إلى الصخرة، وعلى هذا الرأي تكون (إذْ) الظرفية متعلقة بدهاني المقدرة.
ونقل الألوسي في تفسيره والجمل في حاشيته على الجلالين، نقلا عن أبى حيان جواز أن تكون (أرأيت) هنا قد حذف مفعولاها اختصارا، والتقدير: أرأيت أمرنا إذ أوينا إلى الصخرة ما عاقبته، وعلى هذا الرأي تكون (إذ) ظرفا لأمرنا، وأبو حيان في هذا الرأي قد اتبع مذهب سيبويه في أن (أرأيت) إذا كانت بمعنى أخبرني فهي علمية تنصب مفعولين: الأول مفرد منصوب يأتي بعدها يكون هو المستخبر عنه والثاني جملة استفهامية هي مناط الاستخبار ومتعلقه كما في قولك أرأيت زيدا ما صنع.