وذهب بعض العلماء ومنهم أبو السعود إلى أن (أرأيت) في هذه الآية بمعنى أعرفت أو أشاهدت فهي متعدية إلى مفعول واحد يدل عليه السياق، ولم يقدر أصحاب هذا الرأي هذا المفعول الذي يدل عليه السياق، ويمكن أن يكون التقدير أرأيت فعل الحوت إذ أوينا إلى الصخرة، وعلى هذا الرأي تكون إذ متعلقة بهذا المفعول المحذوف، ورأي ابن عطية أن (أرأيت) هنا بمعنى أتأملت ونحن.
هذه آراء العلماء في (أرأيت) الواردة في هذه الآية، ويبدو أن رأي الأخفش المتقدم أقل هذه الآراء تكلفا وأخفها مؤونة، على أن أبا حيان لم يرتضه وقال إنه إخراج لأرأيت عن معناها بالكلية.
أما استفهام (أرأيت) هنا فقد أفاد التنبيه والتعجب:
التنبيه: على معنى أن يوشع يريد بهذا الاستفهام أن ينبه موسى للحالة العجيبة التي سيذكرها بعدُ، وكأنه يقول له: استمع جيدا، وتنبه لما أذكره لك بعدُ، فهو شيء عجيب غريب.
وأفاد التعجب: على معنى أن يوشع نفسه قد تعجب كيف نسي أن يذكر لموسى بعد أن استيقظا من نومهما عند الصخرة، أن يذكر له ما كان من الحوت، وأنه قد حيي واتخذ سبيله في البحر عجبا، فمثل ذلك لا ينسى ولا ينبغي أن يقع فيه نسيان.
وقد ذهب أبو السعود إلى أن استفهام (أرأيت) هنا للتعجيب على معنى أن يوشع أراد بهذا الاستفهام أن يحمل موسى على التعجب من نسيانه (نسيان يوشع) أن يذكر له ما كان من الحوت مع أن ذلك مما لا ينبغي أن ينسى.
أما الآية الثانية التي ورد فيها استفهام (أرأيت) ففي قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً, أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً, كَلا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدّاً, وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً} الآيات: (٧٧- ٨٥) من سورة مريم.
ذكر أن هذه الآية الكريمة نزلت في العاصي بن وائل السهمي: