فقد عمل له خبّاب بن الأرتّ عملا، وتقاضاه أجر ما عمل، فقال العاصي: لا أنصفك حتى تكفر بمحمد، فقال خباب: لا أكفر بمحمد حتى يميتك الله ويبعثك، فقال العاصي: أو مبعوث أنا بعد الموت؟! فقال خباب: نعم، قال العاصي: فائت إذا كان ذلك فسيكون لي مال وولد، وعند ذلك أقضيك دينك. فالعاصي بن وائل هو المراد بـ {الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنَا} .
وقد تضمنت هذه الآية الكريمة:
أفرأيت يا محمد هذا الذي كفر بالقرآن الكريم وبالحجج الدالة على البعث، وقال مستهزئا متعنتا: لأوتَينّ مالا وولدا، أوَ بلغ من عظمة شأنه أن ارتقى إلى علم الغيب الذي توحّد به الله تعالى فادعى أن يؤتى في الآخرة مالا وولدا، أم اتخذ من عالم الغيب عهداً أن يؤتى ذلك؟! .
لِيرتدع عن قوله الكاذب!! فليس الأمر كما قال، فهو لم يطلع الغيب، ولم يتخذ عند الرحمن عهدا، إنه مجرم كاذب كفّار!! .
سنحفظ عليه قوله هذا، فنجازيه به في الآخرة، وسنزيده عذابا فوق عذاب، ونسلبه ما أعطيناه في الدنيا من مال وولد، ولسوف يأتينا يوم القيامة فردا ذليلا لا مال ولا ولد ولا عشيرة.
وقد جاء استفهام (أفرأيت) في هذه الآية الكريمة، جاء مفيدا التعجب والتعجيب والتنبيه: التعجب والتعجيب من حال هذا الكافر الغريبة ومن جرأته الوقحة القبيحة، فقد كفر بآيات الله الدالة على البعث، وكفر بيوم القيامة، وقال هازئا مقسما أن يؤتى في الآخرة مالا وولدا، كأنما اطلع الغيب فعلم ذلك، أو اتخذ عند الرحمن عهدا بأن يعطيه مالا وولدا.
وجاء مفيدا التنبيه على قصة هذا الكافر، وما حدث منه، وما قاله، فذلك شيء غريب جدير بأن يتعجب منه وأن يكون فيه معتبر لمن أراد أن يتذكر.