لقد جاء على الأسلوب الثالث - وهو ما لحقت فيه تاء المخاطب كافُ الخطاب المتصرفة إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا – لقد جاء على هذا الأسلوب صورتان: الأولى (أرأيتك) والثانية (أرأيتكم) .
أما (أرأيتك) فقد وردت مرة واحدة في قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً, قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلاً} الآيتان: (٦١-٦٢) من سورة الإسرَاء.
تتضمن هاتان الآيتان الكريمتان: أن الله جلّ وعلا أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم سجود تحية وتكريم، فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر أن يسجد وقال منكرا متعجبا: أأسجد وقد خلقتني من نار لهذا الذي خلقته من طين؟! إنني لن أسجد ولن أكون من الساجدين!!.
أخبرني عن آدم هذا الذي كرّمته عليّ بأن أمرتني بالسجود له لم كرّمته عليّ؟! يمينا لئن أخرتني حيّاً إلى يوم القيامة لأستولينّ على ذريته وأقودهم إلى الضلال وارتكاب المعاصي ولن ينجو من إغوائي إلا قليل هم عبادك المخلصون.
هذا، و {أَرَأَيْتَكَ} هنا- في رأى كثير من المفسرين- بمعنى أخبرني فهي علمية تأخذ مفعولين: مفعولها الأول اسم الإِشارة {هَذَا} - وهو المستخبر عنه - واسم الموصول بعده نعت له، ومفعولها الثاني- وهو متعلق الاستخبار ومناطه- جملة استفهامية مقدرة يدل عليها صلة الموصول، والمعنى: أخبرني عن هذا الذي كرمته عليّ بأن أمرتني بالسجود له لم كرمته علي.